الان جونستون: فترة اختطافي كانت قاسية ومريعة

كتب عيسى الشرباتي

اشاد الصحفي البريطاني آلان جونستون بحركة "حماس" وجهودها في ضبط الامن في قطاع غزة، قائلا خلال مؤتمر صحفي عصر يوم 4 تموز في مقر القنصلية البريطانية بالقدس المحتلة انه "لولا جهود حماس لما كنت هنا اليوم بينكم".
واوضح جونستون "ان حماس جادة في فرضها للامن في قطاع غزة، وان الخاطفين شعروا بالانزعاج والضيق بعد سيطرة حماس على القطاع، حيث ايقنوا انهم باتوا في موقف صعب لن يستطيعوا تحمله".
وقد شارك في المؤتمر الصحفي كلا من القنصل البريطاني العام ومدير وكالة "بي بي سي" الاخبارية التي يعمل فيها جونستون منذ فترة طويلة.
وكانت "حماس" قد تمكنت من الافراج عن جونستون فجر يوم 4 تموز، بعد مفاوضات وجهود حثيثة بذلتها مؤخرا مع الخاطفين، تخللها بعض عمليات الاختطاف من الجانبين، انتهت بالافراج عن جونستون الذي استقبله رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية بالاضافة الى قيادة "حماس" ومسؤوليها.
وقال جونستون انه غطى كثير من عمليات الاختطاف في العالم، وانه لم يكن يتوقع ان يكون ضحية لها وان يعايش فصول مريرة من المعاناة والقلق.
واضاف جونستون امام حشد من الصحفيين "كنت اعتقد في البداية ان الامر لن يتعدى كونه اختطاف كما هو امر الكثير من الاجانب الذين خطفوا في غزة، لكنهم عندما تحدثوا معي حول موقفهم الايدولوجي وانهم يسعون للافراج عن رجل دين مسلم، ايقنت ان الامر سيكون صعبا وقاسيا، حيث وضعت في مخابئ سرية وكانني مدفون وانا حي دون ان اعلم حقيقة ما يجري".
ولفت جونستون الى ان الخاطفين عاملوه جيدا رغم ان احد الحراس كان مزاجيا في التعامل معه، وقال جونستون الذي احتل موضوعه صدارة وسائل الاعلام واحاديث المسؤولين السياسيين طيلة الشهور الثلاث الاخيرة بان "الطعام كان لا باس به، وانه في الفترة الاخيرة حصل على طعام افضل بعد ان نقله خاطفوه من مكان الى آخر فيه مطبخ ومرحاض".
وفيما يتعلق بظروف اطلاق سراحه قال "بعد ان سيطرت حماس على قطاع غزة شعر الخاطفون بالضيق، فكم كانوا يتجولون بحرية في اسلحتهم في شوارع غزة، الا ان هذه المظاهر اختفت، وبدا ذلك واضحا على احاديثهم وسلوكهم حيث اخبرني احد الحراس ان حماس اعتقلت شقيقه، وكذلك اعتقال شقيق احد المسؤولين عندهم في الجماعة، فايقنت ان حماس جادة في ضبط الامن، ولولا حماس لما كنت هنا اليوم اقف امامكم".
واعتبر جونستون "ان اهم ما يريده الفلسطينيون الآن هو الامن والامان، وانه بدا بالتحقق بعد فرض حماس لسيطرتها على القطاع، وانه بامكان أي شخص ان يسال اهل القطاع عن ذلك، وهذا الامر لم يعد خافيا على احد".
وشكر جونستون وسائل الاعلام الدولية والمحلية على جهودها ومتابعتها لقضيته طيلة فترة اختطافه قائلا: " لقد كانت تجربة مريعة ومريرة، وبامكانكم ان تتخيلوا احتجازي في مخبأ سري لاكثر من ثلاثة اشهر، او وضع حزام ناسف على صدري، بعد ان هددت حماس باستخدام القوة ضد الخاطفين لاطلاق سراحي، وانا احمد الله ان الامور انتهت عند هذا الحد دون ان تراق قطرة دم".
وقد نقل جونستون من غزة الى القدس بواسطة سيارات تابعة للقنصلية البريطانية، حيث عقد مؤتمرا صحفيا برفقة القنصل البريطاني العام، قبل ان يتوجه الى تل ابيب في طريقه الى بريطانيا.
وكشفت مصادر فلسطينية أن الداعية السلفي الدكتور سليمان الداية هو من حكم بإنهاء اختطاف الصحفي البريطاني "آلن جونستون" بعد احتجاز دام نحو 4 أشهر على يد جماعة "جيش الإسلام".
وقالت المصادر إن الخاطفين طالبوا بتحكيم الدكتور سليمان الداية في القضية، وقالوا إنهم سيقبلون بأي حكم يصدره، وذلك بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اعتقال العشرات من عائلة "دغمش" التي ينتمي عدد كبير من أفرادها لجيش الإسلام.
وأكد د. الداية أن عملية الخطف تخالف الشريعة الإسلامية، حيث ينطبق على جونستون حكم المؤتمن في الإسلام، ويعتبر آمنًا بأمان دار الإسلام سواء أكان مسلمًا أم غير مسلمٍ، فهو يستحقُّ الأمان والعصمة في دمه وماله وعرضه، وهذه الشروط تنطبق عليه كونه أعطي الأمان في قطاع غزة التي عاش فيه عدة سنوات، ولم يتعرض بأذى لأي مسلم، بحسب المصادر.
ويعتبر الدكتور الداية (46 عاماً) أحد العلماء المقربين من الدعوة السلفية في القطاع، ويعمل أستاذ مساعداً للشريعة الإسلامية في كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية بغزة، ويحمل درجة الدكتوراه في الشريعة من جامعة "أم درمان" بالسودان.
وتقول المصادر إنه يلقي احتراماً كبيراً من شرائح مختلفة من المجتمع الفلسطيني، وخاصة حماس، ولا يعرف عنه التشدد في فكره، ويداوم على حضور دروسه في مساجد مختلفة بالقطاع عشرات الطلبة ومنهم أعضاء في حماس.
وأوضحت المصادر الفلسطينية أن ما أصدره الدكتور الداية هو حكم وليس فتوى، مشيرةً أن العديد من العلماء كانوا قد ردوا عن أسئلة فقهية طرحها الخاطفون قبل أشهر، وكانت إجابتها تماثل إجابة الدكتور الداية.

لجنة شريعية..
وقال أبو مجاهد المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية إن الجماعة وحماس وافقتا مسبقاً على قبول الحكم الذي سيصدر عن الدكتور الداية.

وشدد أبو مجاهد الذي توسط في عملية إطلاق سراح جونستون على أن العملية تمت دون فدية أو أي شروط.
وذكرت مصادر فلسطينية أنه بعد ثلاث اجتماعات مطولة تم عقدها الليلة السابقة لإطلاق سراح جونستون بين حماس و"جيش الإسلام" بوساطة لجان المقاومة، تم الاتفاق على تشكيل لجنة شرعية للبت بموضوع جونستون يترأسها د. الداية، حيث قررت اللجنة في ختام نقاش مطول إطلاق سراحه.
ووجه رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية الشكر للدكتور الداية لدوره في عملية إطلاق سراح جونستون، وذالك خلال لقائه بالصحفي البريطاني.
وسلمت الجماعة جونستون بعد تبادل للمختطفين تم الليلة الماضية بينها وبين والقوة التنفيذية، التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة المقالة، بواسطة اللجان.
وأطلقت الجماعة سراح 10 من عناصر حماس اختطفتهم قبل يومين، فيما أطلقت القوة التنفيذية سراح عناصر من "جيش الإسلام" كانت قد احتجزتهم.
وتوسطت اللجان في هذه العملية بعد محاصرة عناصر من القوة التنفيذية وكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، حي الصبرة لعدة أيام.
ومقابل إطلاق سراح جونستون كانت الجماعة تطالب بالإفراج عن الفلسطينيين: "أبو قتادة" المسجون في بريطانيا منذ هجمات سبتمبر 2001، والذي تعتبره لندن المرشد الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا، وأبو محمد المقدسي المسجون في الأردن منذ 2005، إضافة إلى ساجدة الريشاوي التي حكم عليها القضاء الأردني بالإعدام إثر إدانتها بالمشاركة في تفجيرات فنادق بالعاصمة عمان قبل نحو عامين.